فإن قيل: فإذا تحلَّلَ المُحْصَرُ كما أباحَ اللهُ - سبحانه - له، فهل يجبُ عليه القضاءُ، أولا يجبُ إلَّا قضاءُ حجَّةِ الإسلامِ؟

قلت: الظاهرُ من الآية أنه لا قضاءَ عليه؛ لأن الله - سبحانه - لم يذكر قضاءً، والقضاءُ لا يجبُ إلا بأمر ثانٍ عند الأكثرينَ من أهلِ العلمِ بالنظرِ وشرائِط الاستدلال.

قال الشافعيُّ: والذي عُقِلَ في أخبار أهل المغازي شبيهٌ بما ذكرتُ من ظاهر الآية، وذلك أَنّا قد علمْنا في متُواطئ أحاديثِهم أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?) عام الحُدَيبيةِ رجالٌ معروفونَ بأسمائهم، ثم اعتمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عمرةَ القضية، وتخلَّف بعضُهم بالمدينة من غير ضرورةِ نفسٍ ولا مالٍ علمتُه، ولو لزمهم القضاءُ لأمرهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله تعالى - ألاّ (?) يتخلفوا عنه (?).

وأيضاً (?) لم نعلم أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَ أحداً ممَّن كان معه أن يقضيَ شيئاً، ولو كانَ لنقِلَ وعُلم.

وهذا مذهبُ ابنِ عبّاس وابن عمرَ -رضي الله تعالى عنهم - وبه قالَ مالكٌ (?).

وهو أحبُّ إليَّ؛ لما قدمتُه، ولكونه أشبهَ بالأصول؛ فإنه من دخل في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015