والإحصارُ هو المنعُ، وهو اسمٌ مشترَكٌ يقع على المنعِ من العدوِّ، وعلى المنع بغيره.
فقال الأزهريُّ: قال أهل اللغة: يقالُ لمنْ منعهُ خوفٌ أو مرضٌ من التصرفِ: أُحْصِرَ، فَهُو مُحْصَرٌ، ولمن حُبِسَ: حُصِرَ، فهو مَحْصورٌ (?).
وكذا قاله الزَّجّاجُ عن أهل اللغة (?).
وقال - أيضاً - هو وثعلبٌ والفَرَّاءُ: أُحْصِرَ وحُصِرَ، لغتان (?).
والمرادُ بهِ في هذه الآيةِ حَصْر العَدُوِّ؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196]، ولذكْر المرضِ بعده.
قال الشافعيُّ -رضي الله تعالى عنه -: لم أسمعْ ممَّنْ حفظتُ عنهُ من أهلِ العلمِ في التفسيرِ مُخالفاً أَنَّ هذه الآيةَ نزلتَ بالحديبيةِ حين أُحْصِرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية، وحلقَ ورجعَ ولم يَصِلْ إلى البيتِ، ولا أصحابُه، إلا عثمانَ بنَ عفانَ رضيَ الله تعالى عنهم (?).
وزعم قومٌ أنَّ المرادَ به حَصْرُ المرضِ، وزعموا أنه لا يُقال: أُحْصِر، في العدوِّ، وإنما يقالُ ذلك في المرضِ، فيقال: أَحْصَرَهُ المرضُ، وحَصَرَهُ العدوُّ، وهذا قولُ الأخفشِ وابنِ السِّكِّيتِ من علماءِ اللغة (?).