الحرام، وفي الأشهر الحُرُمِ، وكان ذلك مِمَّا تَمَسَّكوا به، وبَقُوا عليه من دين إبراهيم -عليه الصلاةُ والسلامُ-.

وكان الأمرُ كذلكَ في صدرِ الإسلامِ بشرعٍ من الله -جل جلاُله- فقال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217]، وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2].

ثم أمر الله سبحانه المؤمنين بقتل المشركين حيث ثَقِفوهم (?)، وذلك عامٌّ في جميع الأمكنة؛ المسجدِ الحرامِ وغيرِه، وأمرهم بإخراجهم من حيثُ أخرجوهم، وذلك نصٌّ في مكان مكة المعظمة -شرَّفَها الله العظيمُ وعظَّمها- ولكن الأمر بالقتل والإخراج مطلَقٌ في الأزمان والأحوال.

ثم بيَنَ اللهُ سبحانَه للمؤمنين هذا الإطلاق، فقال: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 191]، فحرم الابتداء بقتالهم عند المسجد الحرام حتى يقُاتِلوا فيه ويَهْتِكوا حُرْمَته، فيُقتصُّ منهم فَتُهتك حُرْمَتُهم فيه؛ كما قال سبحانه: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].

* فإن قلتم: فما الحكم في القتال في المسجد الحرام مع الكفار والبغاة -حرسه اللهُ الكريمُ وطهَّره- فهل (?) يجوز الآن إذا تغلبوا، أو لا يجوز كما كان في صدر الإسلام؟

قلت: اختلفَ أهلُ العلمِ في ذلكَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015