من شاءَ صامَ، ومن شاءَ أفطرَ وأطعمَ مسكيناً، عن كلِّ يومٍ مُدًّا. قال: ثم أوجبَ اللهُ الصيامَ على الصحيح المقيمِ بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وثبتَ الإطعام على من لا يُطيق الصومَ إذا أفطرَ مِنْ كِبَرٍ.

وإن قلتم: فما الدليلُ على أن الصومَ كان واجباً على من لا يطيقُ الصومَ قبل النسخِ حتى تكونَ الفديةُ بدلاً عنه؟

قلت: قولُ الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183].

فإن قلتم: فالذي كُتِبَ على الذين مِنْ قبلنا مُجْمَلٌ، والناسُ يختلفون فيه؟

قلت: قد ذكرتُ الاتفاقَ من عامَّةِ أهلِ العلمِ على أن المرادَ بذلكَ فريضةُ شهرِ رمضانَ، والشيخُ الكبيرُ داخلٌ في جُمْلَةِ المؤمنين، صالحٌ لقبول الخطاب. وروينا في "صحيح البخاري": أن أَنَساً أطعم بعد ما كَبِرَ، عاماً أو عامين، كلّ يومٍ مسكيناً خُبْزاً ولَحْماً، وأفطر (?).

وما قدمْتُه عن ابنِ عباسٍ ومعاذٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهم.

وقال مالكٌ في غيرِ روايةِ ابنِ وَهْبٍ: الآيةُ منسوخةٌ، ولا إطعامَ على الكبيرِ إذا أفطر ولم يُطِق الصومَ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015