للعفو إنما هو عن الجنايِة، وذلكَ -أيضاً- شائعٌ مستفيضٌ في ألفاظِ الكتابِ والسنَّةِ.
فإن قلتَ: فهلْ تجدُ في الكتابِ والسُّنَّةِ دليلاً على ترجيحِ المعنى الأولِ غيرَ الاستعمالِ؟
قلتُ: نعم، قالَ اللهُ تعالى في مثلِ حكمِ هذه الآيةِ في سورةِ المائدةِ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45]. والمتصدِّقُ هو المجروحُ، أو وليُّ الدمِ، لا الجاني، بل الجاني متصدَّق عليه، فهوَ معفوٌّ له، بدليل قراءة أُبيٍّ (?) -رضي اللهُ عنهُ:- (فهو كفارته له) (?). وبما روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من تَصَدَّقَ من جَسَدِه بشيءٍ، كَفَّرَ اللهُ عنهُ بقَدْرِهِ من ذنوبه" (?). وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثمَّ أنتمْ يا خُزاعَةُ قد قتلتمْ هذا القتيلَ من هُذَيْلٍ واللهِ عاقِلُهُ، مَنْ قتلَ بعدَهُ قتيلاً، فأهلُهُ بين خِيْرَتَيْنِ: إن أحبُّوا أخذوا العَقْلَ، وإنْ أَحَبُّوا قَتَلوا" (?).