البيت حيثما كانوا، فَرْضًا عامًّا مؤكَّدًا، وكَرَّرَهُ مِرارًا، وذلك تعظيمٌ لشأنِه، وتأكيدٌ لنسخ القبلةِ التي كانوا عليها؛ إكرامًا له - صلى الله عليه وسلم - حينَ رأى تقلُّبَ وجههِ في السّماءِ، وحكمةٌ منه جَلَّ جلالهُ، لا معقِّبَ لحُكْمِهِ.
* وفي هذا التعميمِ والتأكيدِ دليل على أن المصليَ لا بُدَّ أن يستقبلَ المسجدَ الحرام على أيِّ حالٍ كانَ منْ خوفٍ أو سَفَرٍ أو مَرضٍ.
وقد أجمعَ على هذا المسلمون، إلا في حالين:
- صلاةِ شدةِ الخوفِ، وسيأتي بيانُها -إنْ شاءَ الله تعالى- عندَ قولهِ تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239].
- وصلاةِ النافلةِ في السفر؛ لقولِ ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ عنه-: كانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يصلِّي، وهو مقبل من مَكَّةَ إلى المدينةِ على راحلتهِ (?).
وعلى هذا أجمعَ أهلُ العلمِ، لكنهمُ اختلفوا في تقييدِ حديثِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ تَعالى عنهما:
فذهبَ مالكٌ إلى العَمَلِ بإطلاقه (?).
وذهب الشافعيُّ (?)، وأحمدُ (?)، وأبو ثورٍ إلى تقييدِه بما رواهُ أنسُ بنُ