وقد تبيَّنَ بهذا أن ما قلناهُ هو الحَقُّ، وقضى به الشيخانِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما-، ولم يخالفْهما أحدٌ من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وما قاله الشافِعِيُّ فغفلة من عالِمٍ، وقد أنكرَ أبو بكرِ بنُ المنذرِ على الشافعيِّ مقالَتهُ، قال: ولا نعلمُ أَحَداً قبلَ الشافعيِّ قالَ بالخمسِ في الفيء (?).
الضرب الثاني من الفيء: ما أخِذَ من الكُفّارِ من غيرِ حربٍ، كالجِزْيةِ وعُشورِ تِجاراتهم:
فقالَ الجُمهورُ: هو كالضَّرْبِ الأولِ (?).
وقالَ الشافعيُّ في الجديدِ: يُخَمَّسُ كالغنيمة.
وقالَ في القديم: يقسَمُ الجميعُ على خَمْسَةِ أَسْهُمٍ (?).
فإن قلتَ: فقد حكيتَ عن مجاهدٍ أن الغنيمةَ تختصُّ بالأموالِ المنقولةِ، وأن الفَيْءَ يختصُّ بالأَرَضين، وإن أُخِذَتْ قَسْراً؛ لأن الله سبحانَهُ ذكر الفَيْءَ في القُرى، وذكرَ الغنيمةَ مُطْلَقا، ووعدْتَ بالكلام معه (?).
قلت: لا حُجَّةَ له فيما ذَكَرَ، بلِ الحُجَّةُ في فِعْلِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثبتَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قسمَ خَيْبَرَ بينَ الغانِمين، ولم يجعلْها فيئًا (?)، وبهذا أخذَ الشافعيُّ (?).