الثَّاني: تعارضُ العامِّ والعامِّ.

فإنْ كانا عامَّينِ من كُل الوجوه؛ فهو كَتَعارُضِ النَّصَّينِ، وسيأتي بَيانُ حُكْمِهِ.

وإنْ أمكنَ أن يُخَصَّ عُمومُ كُلِّ واحدٍ منهما بالآخَر، فهذا لا يُقْضَى بأحدِهما على الآخر، إلَّا بدليل يَدُل على المَخْصوصِ منهُما، أو ترجيع لأحدِهما على الآخَرِ، وهذا كثيرٌ موجودٌ في الكِتاب والسُّنَّة، لكنْ دون الأَوَّلِ (?).

ومثالُهُ من الكِتابِ (?): قولُه -عَزَّ وجَل-: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، وهذا عامٌّ في النكاحِ وفي مُلْكِ اليَمينِ، معَ قولهِ تعالى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، وهذا عام في الأَجْنَبياتِ والقَريباتِ، فَيَحْتَمِلُ تحريمَ الجَمْع بين الأختين بملكِ اليمين؛ بدليل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، ويَحْتَمِلُ تحليلَهُما؛ بدليل قوله تعالى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، والتحريمُ أَحْوَطُ، فكانَ أَرْجَحَ، ولهذا قالَ عثمانُ وعلى -رضيَ اللهُ عنهُما-: أحلَّتْهُما آيةٌ، وحَرَّمَتْهُما آية، والتحريمُ أولى (?). ونحو هذا من الكِتابِ العزيز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015