وقال جُمهورُهم: لما أمرَ اللهُ سبحانَهُ نبيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بتخييرِ نِسائه، وامتثلَ أَمْرَ رَبِّه، وخَيَّرَهُنَّ فاختَرْنه، جَعَلَ جَزاءَهُنَّ أنْ قَصَرَهُ عليهنَّ، وحرَّمَ عليهِ طلاقَهُنَّ بهذِهِ الآية، ومعنى (من بعد) أي: من بعدِ هؤلاءِ التسع (?).
ثم اختلف هؤلاءِ:
فقال قومٌ: الآيةُ باقية على أحكامها، غيرُ منسوخةٍ، ويروى هذا القولُ عنِ ابنِ عباسٍ، والحَسَنِ، وابْنِ سيرينَ، وقَتَادَةَ.
ثم قالَ قومٌ: بلْ هي ناسخة أيضاً لِما أباحَ اللهُ سبحانَهُ لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تزِوُّجِ مَنْ شاءَ منَ النساءِ؛ لقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]، ولقوله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50].
وحكي هذا القولُ عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ (?).
وقالَ قومٌ: الآيةُ منسوخةٌ غيرُ مُحْكَمَةٍ، نسخَ اللهُ سبحانَهُ التحريمَ عَنْ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -؛ لتكونَ لهُ المِنَّةُ عليهِنَّ، وهذا ما اختارَهُ الشافعيُّ (?).
والنسخُ: إمَّا بالسُّنَّةِ عندَ مَنْ أجازَ النسخَ بها، ففي "صحيح مسلم" عن زيدِ بنِ أرقمَ -رضي اللهُ تعالى عنه- قال: تزوَّجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ نزولِ هذهِ الآيةِ مَيْمونَةَ، ومُلَيْكَةَ، وصَفِيَّةَ، وجُوَيْرِيَةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهن- (?).