أمرَهُ اللهُ أن يُخَيِّرَ أزواجَهُ، فبدأَ بي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنِّي ذاكِرٌ لَكِ أَمْراً، فلا عَلَيْكِ أَنْ تَسْتعْجِلي حَتَّى تَسْتأمِرِي أبوَيْكِ"، وقد عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لم يكونا يأمُراني بِفراقِه، قالت: ثم قال: "إنَّ الله تَبارَكَ وتَعالى قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] "، إلى تمام الآيتين، فقلتُ: ففي أيَ شيءٍ أَستأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فما في أريدُ الله ورسولَهُ والدارَ الآخر (?).
ولم يكنِ التخييرُ منه - صلى الله عليه وسلم - طلاقاً مُعَلَّقاً باختيارِهِنَّ (?).
وهذا الحكمُ في النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأَمّا غيرُه فإنْ خَيَّرَ أَحدٌ منَ الناسِ زوجتَه، فقد اختلفَ السَّلَفُ فيه اخْتِلافاً كَثيراً (?).
فذهبَ عمرُ، وابنُ عباسٍ، وابنُ مسعودٍ، وعائشةُ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم-: إلى أنها إنِ اختارتْ نفسَها، فواحدةٌ، كان اختارتْ زوجَها، فلا شيءَ.
قالت عائشةُ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها-: خَيَّرَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فاخترناه، أفكانَ ذلكَ طلاقاً (?)، وبهذا قال الشافعيُّ.
وذهبَ زيدُ بنُ ثابت إلى أنها إنِ اختارَتْ نَفْسَها، فثلاث، وإنِ اختارتْ زوجَها، فواحدةٌ، وهو أَحَقُّ بها، وجَعَلَ الطَّلاقَ مُعَلَّقاً باختيارِها، فإنِ