وبَين الإماءِ، ولا يجبُ على الساداتِ إنكاحُ إمائِهم اتِّفاقاً، فكذلكَ العبيدُ.
قالَ الشافعيُّ: ولم أعلمْ دليلاً على إيجابِ إنكاحِ صالحِ العبيدِ والإماءِ كَما وجدْتُ الدلالةَ على إنكاحِ الحرائرِ مطلقاً، فأَحَبُّ إليَّ أَنْ ينكحَ من العبيدِ والإماء صالِحوهم خاصَّةً، ولا يتبينُ لي أن يُجْبَرَ أحدٌ عليه، ولأنَّ الآيةَ محتملٌ أن تكونَ فيها الدلالةُ على الاختيار، لا على الإيجاب (?).
* وتخصيصُ اللهِ سبحانه بهذا الحكم ذوي الصَّلاحِ يقتضي إخراجَ ذوي الفسادِ والمشركين، سواءٌ قلْنا بالوجوبِ أو الاستحبابِ (?)، وهذا بَيِّنٌ؛ إذ ليس للمشركِ على المسلمِ حقٌّ، ولا سيما المملوكِ، ولِما فيه من عدم اكتراثِه بالمعصيةِ، وعدم إلزامِه لأحكامِ الإسلام.
* فإن قلتم: فهل يقتضي هذا التقييدُ أن المسلمَ لا يُنْكِحُ أَمَتَهُ الكافِرَةَ؟
قلنا: لا؛ لأن الخِطاب إنما سيقَ لبيانِ ما يتوجَّهُ على الساداتِ للعبيدِ، لا لبيانِ ما يتوجَّه للساداتِ على العبيد، وقد دَلَّتِ الآيةُ بطريق الإشارةِ على أنّه يمنع العبدُ أن ينكحَ بغيرِ إذنِ سيدِه، وإلا لَما أمرَ اللهُ سبحانَه السيدَ بإنكاحه.
وقد بينَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحكمَ عنِ اللهِ سبحانَهُ، فروى ابنُ عمرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نَكَحَ العبدُ بغيرِ إذنِ سَيِّدِهِ فَنِكاحُهُ باطلٌ" (?)، وعن جابرٍ إما مرفوعاً أو موقوفاً: "أيُّما مملوكٍ تَزَوَّجَ بغيرِ إذنِ سَيِّدِهِ، فهو عاهِرٌ" (?).