* واختلفوا في قَبولِ شهادتِه:
فذهبَ أبو حنيفةَ إلى رَدِّ شَهادتِه أبداً (?).
وذهبَ مالِكٌ والشافعيُّ إلى قَبولها إذا تابَ (?).
قالَ جَماعةٌ منْ أهلِ العلمِ بالأُصول: والسببُ في اختلافِهم هذا هو اختلافُهم في الاستثناءِ إذا تعقبَ جُمَلاً، هل يعودُ إلى الجملَةِ الأخيرةِ، أو إلى الجميع، إلا ما أخرجه الدليل؟
وعندي أنَّ المُلجِئَ لأبي حنيفةَ إلى رَدِّ شهادته ذكرُ التأبيدِ الذي ذَكَرَهُ اللهُ سبحانَهُ، وجعلهُ عقوبةً للشهادةِ (?) المفتريةِ الكاذبةِ، فلا تقبلُ أَبَداً.
ولكنَّ الجمهور من الأصوليين على أن النسخ يرفَعُ الحُكْمَ الذي قَبْلَهُ، وإنْ كانَ مَقْروناً بلفظِ التأبيدِ، وينبغي أن يكونَ مثلَهُ التخصيصُ؛ لأن النسخَ تخصيصُ الأزمانِ، وتَخْصيصُ العُمومِ تَخْصيصُ الأعيانِ.
فإن قلتم: فقدِ استدلَّ أبو حنيفةَ بحديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجوزُ شهادَةُ خائنٍ، ولا خائِنَةٍ، ولا مَحْدودٍ في الإسلام، ولا ذي غِمْرٍ على أخيهِ" (?)، فما الجواب عنُه، وما دليلُ الشافعيِّ من السنَّةِ؟