ولما فيه من العَناءِ والنَّصَبِ، وقد قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ لما أَعْمَرَها مِنَ التَّنْعيمِ: "ولكنها على قَدْرِ عَنائِكِ ونَصَبِك" (?).
ولكونه وردَ عن السلف الصالح -رحمَهُم اللهُ تَعالى- فعلُه والترغيبُ فيه، وحُكِيَ من فعلِ النبيّ إبراهيمَ وإسماعيلَ -عليهما الصلاةُ والسلامُ-.
فإن قلتَ: فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَحُجَّ إلا راكباً، وقد قالَ: "خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ" (?)، وهو يدلُّ على أن الركوبَ أفضلُ كما قالَ بهِ بعضُ العلماءِ، والشافعيُّ في القولِ الأخيرِ، واختارَهُ النَّواوِيُّ (?)، ولما فيهِ من بَذْلِ النفقةِ، وقد قالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "ولكنها على نَصَبِكِ، أو قال: نَفَقَتِكِ" (?).
قلنا: إنما حجَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - راكبًا حتى يظهر ليقتدى (?) به ويستفتى، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "خُذوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ" (?). فالركوبُ في حَقّهِ أَفْضَلُ منَ المَشْيِ (?)؛ لعُمومِ المصلحةِ بركوبه - صلى الله عليه وسلم -.
ورُوي عنْ أبي حنيفةَ كراهَةُ المَشْيِ (?).
ولَفا رأى بعضُ المتأخرينَ من أَصْحابِه ما فيه منَ البُعْدِ، حَمَلَهُ على مَنْ يسوءُ خُلُقُهُ بالمشيِ، ويُجادِلَ رفيقَه، أو يَجْمَعُ بينَ الصَّوْمِ والمَشْيِ.