حُجَّة؟ ثم قالَ الشافعيُّ: قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ}، فنسب الديارَ إلى المالكين، أو إلى غيرِ المالكين؟ قال إسحاقُ: إلى المالكين، فقال له الشافعيُّ: قولُ الله أصدقُ الأقاويلِ، وقد قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ دخلَ دارَ أَبي سُفيانَ فهوَ آمِن" (?)، نسبَ الدار إلى مالكه أو إلى غيرِ مالكه؟ قال إسحاقُ: إلى مالكه، قال له الشافعيُّ: وقد اشترى عمرُ بنُ الخَطَّابِ داراً، فأسكنها، وذكرَ له جَماعةً من أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال له إسحاقُ: قالَ اللهُ عَزَّ وجَل: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، فقال لهُ الشافعيُّ: اقرأْ أولَ الآيةِ: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25]، ولو كان كما تزعُمُ، لكانَ لا يجوزُ لأحدٍ أن ينشدَ فيها ضالَّةً، ولا يَنْحَرَ فيها بدنةً، ولا تجتمعَ فيها الأزواجُ، ولكن هذا في المسجِدِ خاضَةً. قال: فسكتَ إسحاقُ ولم يتكلمْ، فسكتَ عنهُ الشافعيُّ -رحمهما الله تعالى-.

فإن قلتَ: فقد رُوي عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ مَرْفوعاً وموقوفاً مَنع بيعِ رباعِ مَكَّةَ ومُؤاجَرَيها (?). وروى عَلْقَمَةُ بن نَضْلَةَ الكِنانى: أنه قال: كانتْ بيوت مكةَ تُدْعى: السوائبَ، لم تبعْ رباعُها في زمانِ (?) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبي بكرٍ، ولا عمرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما-، من احتاجَ سَكَنَ، ومن استغنى أَسْكَنَ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015