وقد يردُ الخطابُ بأمرَينِ على مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ كقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] فالإيتاءُ واجِبٌ، والأَكْلُ مُباحٌ، وكقولهِ تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] , وهوَ في الحُكْمِ كالآيةِ الواحدةِ التي يَرِدُ بعضُها على العُموم، وبعضُها على الخصوص (?).
* ويتِمُّ بيانُ النَّهي في مَسْألتينِ:
إحداهُما: النَّهْيُ يقْتَضي التَّحْريم (?)، وليسَ له إلا وَجْهٌ واحِدٌ عندَ الإمامِ أبي عبدِ الله الشافعي -رضيَ اللهُ تَعالى عنه -، والمَنْهِي عنهُ ضَرْبانِ:
أحدُهما: أن يكونَ أصلُ الذي وقعَ فيه النَّهْيُ التَّحْريمَ والمَنْعَ، ثُمَ أَحَلّه الشرعُ بِشُروطٍ، ونُهِيَ الإنسانُ أنْ يَفْعَلَهُ على وَجْهٍ مِنْ وجوه النهي، فإذا فَعَلَهُ على الوَجْهِ المَنْهِيِّ عنهُ، فهو عاصٍ، وفعلُه فاسدٌ مَنْقوضٌ، وذلكَ كالنَّهْي عن بَيع الغَرَر، وبَيْعٍ وشَرْطٍ، وما أَشْبَهَ ذلكَ، وكالنكاحِ المَنْهِيِّ عنه؛ كَنِكاح المُتْعَةِ، ونكاح الشغارِ (?)، فهوَ عاصٍ بفِعْلِهِ، وفعلُهُ فاسِدٌ.