تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] , وكقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وكانَ الإتيانُ والاصطيادُ مُباحَيْنِ قبلَ الحَيْضِ والإحْرامِ بالخِطاب المتقدم، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُنْتُ نَهَيْتكُمْ عَنْ زِيارَةِ القُبورِ، فَزوروها" (?).
فإن قيلَ: كانَ حَلْقُ الرأسِ مُباحًا قبلَ الإحرامِ، وكان النَّظَرُ إلى الأجنبيةِ حَراما قبلَ الخِطْبَةِ، ثُمَ أُمِرَ بذلكَ، فاستُحِبَّ هذا، ووَجَبَ ذلكَ.
قلنا: إنما وَجَبَ ذلكَ للقرينةِ الدّالَّةِ الزَّائِدَةِ على صيغةِ الأمر، وكلامُنا في الأَمْرِ المُجَرَّدِ عن الأدِلَّةِ والقرائِنِ، ألا تَرى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقينَ" قالوا: والمُقَصِّرينَ، قالَ: "رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقينَ" (?) الحديث.
ويزيده وضوحًا وإيجابًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ على النِّساءِ حَلْقٌ، إنَّما على النِّساء التَّقْصيرُ" (?)، وعلى الإيجابِ، ثمَّ الدلاَلةِ على استِحْبابِ (?) نَظَرِ الأجنبيةِ ما رُوِيَ عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "فإنَّه أَحْرى أَنْ يُؤدَمَ بَيْنَكُما" (?).