ويأتي ها هنا (?) تأويلٌ يرتفعُ به التَّعارُضُ والإشكالُ، وهو أنْ يقولَ: إنّ النَّفْرَ واجبٌ على الكافَّةِ منَ المؤمنين إذا نَفَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وواجِبٌ (?) على بعضِهم إذا لم ينفرْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ بدليلِ قولهِ تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِه} [التوبة: 120].

وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا مذهبُ جماعةٍ من السَّلَفِ.

ولكنَّ التخصيصَ بحالةِ الحاجةِ أشَدُّ وأَقْوى، وهوَ وإنْ كانَ باستِنْفارٍ واستِدْعاءٍ، فإنَّ الغزوةَ، وهي غزوةُ تبوكَ، تَسْتَدعي نَفْرَ الكافَّةِ؛ لبعدِها، وكثرةِ عَدوِّها، وعلى هذا فاحملْ جميعَ ما يأتي منْ هذا الباب مثل قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] وما أشبهها.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015