146 - (7) قوله جَلَّ ثَناؤه: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].
* أمرَ اللهُ سبحانَهُ نبيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إذا عاهَدَ قَوْماً، وخافَ منهمُ الخِيانَةَ، فإنْ ظَهَرَ منهم أماراتُها أن يُعْلِمَهُمْ بِنَبْذِ عَهْدِهِم؛ ليكونوا معهُ على سَواءً عَدْلٍ، واستواءً منَ العلمِ.
وعلى هذا نَصَّ الشافعيُّ، وحُكيَ عنهُ قولٌ شاذٌّ أَنَّهُ لا يَنْبذُهُ لخَوْفِ الخيانةِ حتى يَبْدَؤوا بنقضِه، كما لا يُنْقَضُ عَقْدُ الذمَّةِ لخوفِ الخيانةِ (?).
وهذا لا يَصِحُّ عن أبي عبدِ اللهِ -رحمه اللهُ تعالى-؛ فإن هذا مُصادِمٌ لِنَصِّ كتابِ اللهِ تَعالى، وإنما قالهُ الأَبْهَرِيُّ من المالكية.
وحملُ الخوفِ على العِلْمِ واليقينِ؛ كما في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] فهو خَطَأٌ.
* ومفهومُ هذا الخطابِ أنه إذا لم يخف منهم خيانةً، لا ينبذُ إليهم عهدَه، وهو كذلكَ، وقد بينه اللهُ سبحانه في موضع آخرَ فقال: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] الآية، وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} (?) [التوبة: 7].
* فإن قيل: فكيفَ يجوزُ نبذُ العَهْدِ المُتَيَقَّنِ صِحَّتُهُ بِظَنِّ الخِيانة منهم؟