أهلِهِما؛ لقربِ اطِّلاعِهِما على باطنِ حالِهِما، وقُوَّةِ عِلْمِهِما بِمَصالِحِهما.
روى بَكُرْ بنُ عبدِ اللهِ المُزنيُّ قال: كانَ رَجُلانِ من الأعرابِ مُحرِمَيْنِ، فحاشَ (?) أحدُهُما صيداً، فقتلَهُ الآخَرُ، فأَتيَا عُمَرَ وعَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ، فقالَ لهُ عُمَرُ: ما ترى؟ قال: شاةٌ، قال: وأنا أَرى ذلك، اذهبا واهدِيا شاةً، فلما مَضَيا قالَ أحدُهُما لصاحِبهِ: ما درى أميرُ المؤمنينَ ما يقولُ حتى سَأَلَ صاحِبَهُ! فسمعَهُ عُمَرُ، فردّهما، فقال: هل تقرأان "سورة المائدة"؟ فقالا: لا، فقرأ عليهما: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا} [المائدة: 95]، ثم قال: استعنْتُ بصاحِبي هذا (?).
* وقد اتفقوا على أنه لا بُدَّ من ذوي العدلِ.
* وإذا حكم ذوا عدل من الصحابة -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- في مِثْلٍ، فلا يُعاد فيهِ الحُكْمُ عندَ الشافِعِيِّ؛ لأنها قضيةٌ معقولةُ المعنى حَكَمَ فيها عَدْلانِ، فوجبَ علينا تنفيذُ حُكْمِهِما واتباعُه (?).
وقال مالِكٌ: يستأنف الحكم، وكأنه اعتقده عِبارةً غيرَ مَعقولةِ المَعْنى، فوجبَ الإتيانُ بِها عندَ وجودِ سَبَبِها، وهذا في غيرِ مَحَلِّ الإجماعِ والنَّصّ، وأما الإجماعُ والنصُّ فلا يُعاد فيه الحكمُ، قولاً واحداً (?).