وأباهُ آخَرون، وبه قالَ الشافِعيُّ في الجَديد؛ لكونِهِ لم يردْ في الحديث المُتَّصِلِ الثابِتِ عنِ ابنِ مُحَيريزٍ عنْ أبي مَحْذورة (?).
ولكنه قد ثَبَتَ اتِّصالُهُ عن محمدِ بنِ عبدِ الملكِ بنِ أبي مَحْذورَةَ عن أبيهِ عن جَدِّهِ قال: قلت: يا رسولَ الله! عَلِّمْني سُنَّةَ الأَذانِ، فعلَّمَهُ إياها، وقال: "وإن كانَ صلاةُ الصبحِ قُلْتَ: الصلاةُ خيرٌ من النومِ، الصَّلاةُ خيرٌ من النوم، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، لا إله إلا اللهَ" (?).
* إذا تمَّ هذا، فالنداءُ هو رَفْعُ الصَّوْتِ بالقول، وإذا لم يُرْفَعِ الصوتُ، فليسَ بنداءٍ.
فحينئذٍ يُسْتَنْبَطُ من الآيةِ الكَريمَةِ أَنَّ من شَرْطِ الأذانِ رَفْعَ الصَّوْتِ، ولا تتَأَدَّى سُنَّتُه بأنْ تُفْعَلَ سِرًّا، ولهذا لم يُشْرَعْ للنِّساءِ أذانٌ، وكذا للمنفردِ عندَ مالِكٍ، وهو قولٌ للشافعيِّ أيضاً.
ويستنبطُ منه أن المؤذنَ مهما اشتدَّ رَفْعُ صوتهِ، كانَ أفضلَ، ولهذا أمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عبدَ اللهِ بنَ زيدٍ بالإلْقاءِ على بلالٍ، فقال: "قُمْ مع بِلالٍ، فَأَلْقِ عليهِ ما رأيتَ، فَلْيُؤَذِّنْ؛ فإنَّه أَنْدى صَوْتاً منكَ" (?).