قال بعضُهم: الآيةُ معطوفةٌ على آية التخييرِ، والناسخُ والمنسوخُ لا رَبْطَ بينَهُما، ولا عَطْفَ (?).

وهذا الاستدلالُ ضعيفٌ؛ لأن العطفَ بالواو لا يدلُّ على الرَّبْطِ، وإنما يدلُّ على التأخيرِ، أو الترتيبِ على قولِ بعضِ النحاةِ، والصوابُ أن يستدلَّ على عَدَمِ النَّسْخِ بعدَمِ التعارُض، إلا إن ثَبَتَ في ذلك (?) توقيفٌ، فيتَّبَعُ.

* وقد اختلفَ الفقهاءُ في حكمِ هذه الآيةِ على ثلاثةِ أقوالٍ.

- منهم من عَمِلَ بظاهِرِ هذه الآية، فقال: الإمامُ مخيرَّ في الحكمِ بينَهُم إنْ جاؤوه، وأما إذا لم يَجيئوهُ، فلا حكم له عليهم، وبهذا قالَ مالِكٌ (?).

- ومنهم من قال: يجبُ عليه الحكمُ بينهم إن جاؤوه، وكأنهم رأَوُا التخييرَ مَنْسوخاً، وبهذا قال أبو حنيفة (?)، وللشافعي قولانِ كالمَذْهَبين (?).

ومنهم من قال: يجبُ على الإمامِ الحكمُ بينَهُم، وإن لمْ يترافَعوا إليه، واحتجوا بإجماع المسلمين على وجوب قطعِ يدِ الذِّمِّيِّ إذا سرق، وكأنه رأى الآيةَ الثانيةَ ناسخةً للتخيير والتقييد.

قال بعضُ الفقهاءِ: وإذا قلنا بالتخيير، فمتى حَكَمَ بينَهم، لَزِمَهُمُ الحُكْمُ، وليس لهم رَدُّهُ، بالإجماع؛ لفعلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك (?)، ولقوله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015