القسم الثالث: في التوبةِ من هذهِ الجنايةِ.
وقد قالَ بقبولِ توبةِ المُحارِبِ قبلَ القُدْرَةِ عليهِ كافَّةُ أهلِ العِلْم.
ثم اختلفوا في الذي تُسْقِطُهُ التوبةُ.
فقال الليثُ: يسقطُ بها حقوقُ اللهِ تَعالى، وحقوقُ الآدَمِيِّينَ من مالٍ ودمٍ (?)، أما حقوقُ اللهِ تَعالى، فللآية، وأما حقوقُ الآدميين، فلِما رُويَ أن عليَّ بنْ أبي طالبٍ - كرم اللهُ وجهَهُ في الجَنَّةِ - قبلَ توبةَ حارثةَ بنِ بَدْرِ (?) التَّميميِّ، وأَمَّنَهُ، وكتبَ له كِتاباً (?).
وقال مالِكٌ في روايةٍ نَحْوَه (?)، إلا أنه يُؤْخَذُ في المالِ بما وجد عينهُ في يده، ولا تتبع ذِمَّتَهُ؛ لأن إقرارَهُ في يده إقرارٌ على المُنْكَرِ، وكذا يؤخذُ بالدمِ إذا قام وليُّ المقتولِ بطلب دمه، وأما إذا لم يَطْلُبْهُ أحدٌ، فلا يؤخَذُ به.
وقال الشافعيُّ، ومالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وأحمدُ: تسقطُ عنهُ حقوقُ اللهِ تعالى فقط، وأما حقوقُ الآدميين، فلا تسقطُ، وبه قالَ الحنفيةُ (?).