ويدلُّ لهم أن الفاءَ تقتضي الترتيبَ، وقد عُلِّقَتْ طَهارةُ الوجهِ بالقيام، فدلَّ على أنه لا يجوزُ أن يتقدمَ غيرُهُ عليه، ولأنَّ اللهَ سبحانه قطعَ النظيرَ عن النظيرِ، فأدخلَ مَمْسوحًا بينَ مغسولَيْنِ، وقَدَّمَ القريبَ على ما هو أقربُ منه، فقدَّمَ اليَدَيْنِ على الرأسِ، وهو محلُّ الوَجْهِ، فدلَّتْ هذه المقاصِدُ والأَماراتُ على وجوبِ الترتيبِ.

وقولُ الأولينَ: إن الواوَ لا تقتضي نَسَقًا ولا تَرْتيبًا غيرُ مُسَلَّمٍ (?)، بلْ نُحاةُ الكوفةِ قائلونَ باقْتِضائِها الترتيبَ (?)، ولم يُنْقَلْ إلينا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تركَ الترتيبَ في وضوئه، بل تَوَضَأَ مُرَتبًا، وقالَ: "هذا وُضوءٌ لا يقبلُ اللهُ الصلاةَ إلا بهِ" (?).

وأحسنُ عندي من ذلكَ كلِّه في الاستِدْلالِ ما استدلَّ بهِ الشافعيُّ في الكتابِ القديمِ من قولهِ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّفا: "نَبْدَأُ بما بَدَأَ اللهُ بهِ" (?)، فجعلَ بِدايةَ اللهِ سُبْحانهُ سَبَبًا للتقديم (?).

* إذا تقرَّرَ هذا، فقد روى غير واحدِ من الصحابةِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015