قال قتادة: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (صدق ربنا، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر كيف أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرًا بالليل والنهار والسر والعلانية) .
قوله عز وجل: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُل لَّوْ شَاء اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) } .
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش، الجاحدين الحق، المعرضين عنه، أنهم إذا قرأ عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتاب الله وحجته الواضحة قالوا له: {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} ، أي: ردّ هذا وجئنا بغيره من نمط آخر {أَوْ بَدِّلْهُ} إلى وضع آخر. قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ، أي: ليس هذا إليّ إنما أنا عبد مأمور، ورسول مبلّغ عن الله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ
إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} . ثم قال محتجًّا عليهم في صحة ما جاءهم به: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} ، أي: هذا إنما جئتكم به عن إذن الله لي في ذلك ومشيئته وإرادته، والدليل على أني لست أتقوّله من عندي ولا افتريته، أنكم عاجزون عن معارضته، وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل، لا تنتقدون عليّ شيئًا تغمصونني به، ولهذا قال: