سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه، علا على خلقه وهو سبحانه معهم أينما كانوا، يعلم ما هم عاملون، كما جمع بين ذلك في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه: بالخلق مختلط، فإن هذا لا توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق العرش رقيب على

خلقه، مهيمن عليهم مطلع عليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا، حق على حقيقته، لا يحتاج إلى تأويل، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة، مثل أن يظنّ أن ظاهر قوله: {فِي السَّمَاء} أن السماء تقلّه أو تظلّه، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإِيمان، فإن الله قد وسع كرسيّه السماوات والأرض، وهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره) . انتهى.

وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله الملائكة شداد ... ملائكة الإِله مسوّمينا

وقال عبد الله بن المبارك: (نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماواته، على العرش استوى، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015