لازب، وصوّره بشرًا سويًا، ونفخ فيه من روحه، أمر الملائكة بالسجود له تعظيمًا لشأن الله تعالى وجلاله، فسمعوا كلهم وأطاعوا، إلا إبليس لم يكن من الساجدين.
وقوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} ، قال ابن عباس: أول من قاس إبليس فأخطأ القياس، فمن قاس الدين بشيء من رأيه قرنه الله مع إبليس.
وقوله تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ} ، أي: المؤخرّين عن الموت إلى يوم الوقت المعلوم، حين يموت جميع الناس، وهي: النفخة الأولى {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} قال مجاهد: الحق.
وعن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} ، يقول: أشكّكهم في آخرتهم، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أرغّبهم في دنياهم، {وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ} أشبّه
عليهم أمر دينهم، {وَعَن شَمَآئِلِهِمْ} أشهّى لهم المعاصي. وقال قتادة: أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدنيا فزيّنها لهم ودعاهم إليها، وعن أيمانهم من قِبَل حسناتهم بطّأهم عنها، وعن شمائلهم زيّن لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها، وأمرهم بها. أتاك يا ابن آدم من كل وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينتك وبين رحمة الله.
وعن ابن عباس: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً} ، يقول: صغيرًا منفيًّا. وقال السدي: أما: {مَذْؤُوماً} : فمنفيًّا، وأما: {مَّدْحُوراً} : فمطرودًا. وعن ابن عباس: {مَذْؤُوماً} : ممقوتًا. انتهى.
والمذؤم: هو المذموم وهو المعيب، والمذؤم بالهمز أبلغ في العيب. وعن