إلى أن قال:
فلم يبقى للراجي سلامة دينه ... سوى عزلة فيها الجليس كتاب
كتاب حوى كل العلوم وكل ما ... حواه من العلم الشريف صواب
فإن رمت تاريخًا رأيت عجائبًا ... ترى آدمًا إذ كان وهو تراب
ولاقيت هابيلاً قتيل شقيقه ... يواريه لما أن أراه غراب
وتنظر نوحًا وهو في الفلك إذ طغى ... على الأرض من ماء السحاب عباب
وإن شئت كل الأنبياء وقومهم ... وما قال كل منهم وأجابوا
ترى كل من تهوى من القوم مؤمن ... وأكثرهم قد كذبوه وخابوا
وجنات عدن حورها ونعيمها ... وناد بها للمسرفين عذاب
فتلك لأصحاب التقى ثم هذه ... لكل شقي قد حواه عقاب
وإن ترد الوعظ الذي إن عقلته ... فإن دموع العين عنه جواب
تجده وما تهواه من كل مشرب ... فللروح منه مطعم وشراب
وإن رمت إبراز الأدلة في الذي ... تريد فما تدعو إليه تجاب
تدل على التوحيد فيه قواطع ... بها قطعت للملحدين رقاب
وفيه الدوا مكن كل داء فثق به ... فوالله ما عنه ينوب كتاب
وما مطلب إلا وفيه دليله ... وليس عليه للذكي حجاب
إلى أن قال:
أطيلوا على السبع الطوال وقوفكم ... تدر عليكم بالعلوم سحاب
وكم من ألوف في المئين فكن بها ... ألوفًا تجد ما ضاق عنه حساب
وفي طي أثناء المثاني نفائس ... يطيب بها نشر ويفتح باب
وكم من فصول في الفصل قد حوت ... أصولاً إليها للذكي إياب
* * *