غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) } .
عن الحسن في هذه الآية: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، قال: الفلق الصبح. {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} ، قال ابن كثير: أي: من شرّ جميع المخلوقات. {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} ، قال الحسن: أول الليل إذا أظلم. {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} ، قال: السواحر، والسحرة. {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} ، قال قتادة: من شرّ عينه ونفسه. وعن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال سفيان: وهذا أشدّ ما يكون من السحر إذا كان كذا - فقال: «يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته؟ أتاني رجلان فقعدا أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب. قال: ومن طبَّه؟ قال: لَبيد بن الأعصم - رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا - وقال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاطة. قال: وأين؟ قال: في جفّ طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان» . قالت: فأتى البئر حتى استخرجه، فقال: «هذه البئر التي أُريتُنها» . وكأن ماءها نقاعة الحناء، كأن نخلها رؤوس الشياطين. قال: فاستخرج. فقالت: أفلا تنشّرت؟ وفي رواية لمسلم: أفلا أحرقته؟ - قال القرطبي: يعني لبيد - فقال: «أمَّا اللهُ فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًّا» . رواه البخاري.
وروى البغوي عن زيد بن أرقم قال: (سحر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجل من اليهود فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك عقدًا، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا فاستخرجها فجاء
بها، فجعل كلّما حلّ عقدة وجد لذلك خفّة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما نشط من عقال؛ فما ذكر لليهوديّ ولا