كَرِيمٍ} ، أي: ملك شريف، {ذِي قُوَّةٍ} كقوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ} ، أي: شديد الخلق شديد البطش والفعل، {عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} ، أي: له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة، {مُطَاعٍ ثَمَّ} ، أي: له وجاهة وهو مسموع القول في الملأ الأعلى، {أَمِينٍ} ، قال البغوي: على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه. {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ} ، يقول لأهل مكة: {وَمَا صَاحِبُكُم} ، يعني: محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، {بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ} ، يعني: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه السلام على صورته {بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق؛ قاله مجاهد، وقتادة.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} ، أي: وما محمد على ما أنزله الله إليه بظنين: أي: بمتهم؛ ومنهم من قرأ ذلك بالضاد: أي: ببخيل، بل يبذله لكل أحد. وقال قتادة: كان القرآن غيبًا فأنزله الله على محمد، فما ضن به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده. {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}
، يقول: فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي، {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} ، قال مجاهد: يتبع الحق، {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، قال البغوي: أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله، وفيه إعلام أن أحدًا لا يعمل خيرًا إلا بتوفيق الله، ولا ضرًا إلا بخذلانه.
* * *