قال ابن كثير: وقوله تعالى: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ} خطاب للمكذبين بيوم الدين؛ وأمرهم أمر تهديد ووعيد، فقال تعالى: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً} أي: مدة قليلة قريبة قصيرة {إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ} أي: ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} ، كما قال تعالى: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ} .

وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} أي: إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه، ولهذا قال تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} . ثم قال تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} أي: إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يؤمنون به؟ كقوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} ؟ انتهى. آمنا بالله وآياته.

وعن أبي هريرة مرفوعًا: «من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فليقل: بلى، وإنا على ذلك من الشاهدين. ومن قرأ: {لا أقسم بيوم القيامة} فانتهى إلى: ... {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فليقل: بلى. ومن قرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ} فبلغ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فليقل: آمنا بالله» . رواه البغوي وغيره. والله أعلم.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015