قال: ويقلون له فيما بلغني: يا نوح قد صرت نجارًا بعد النبوة؟ قال وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهم ولد؛ قال: ويزعم أهل التوراة أن الله أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج، وأن يصنعه أزور، وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعًا، وأن يجعله ثلاثة أطباق سفلاً ووسطًا وعلوًا، وأن يجعل فيه كوى؛ ففعل نوح كما أمره الله، حتى إذا فرغ منه، وقد عهد الله إليه: {إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} .
وروى ابن جرير عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو رحم الله أحدًا من قوم نوح لرحم أم الصبي» ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، حتى كان آخر زمانه وغرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها ثم جعل يعمل سفينته فيسخرون منه ويقولون: يعمل سفينة في البر فكيف تجري؟ فيقول: سوف تعلمون؛ فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك، خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبًا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها
رفعته بين بيديها حتى ذهب بها الماء فلو رحم الله منهم أحدًا لرحم أم الصبي» . والله أعلم.
* * *