معصيته، وكانوا يبطّئون عن الهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الجهاد. وقال ابن زيد في قوله: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ} ، قال يقول: عدوًّا لكم في دينكم فاحذروهم على دينكم. وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} ، أي: اختبار وابتلاء، {وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} ، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} . وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حجره ثم قال: «صدق الله ورسوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} رأيت هذين فلم أصبر، ثم أخذ من خطبته» . رواه ابن جرير وغيره.
وعن قتادة: قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} هذه رخصة من الله والله رحيم بعباده. وكان الله جل ثناؤه أنزل قبل ذلك: {اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} وحقّ تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثم
خفّف الله تعالى ذكره عن عباده فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال: ... {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} ، فيما استطعت يا ابن آدم عليها بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة فيما استطعتم.
وقوله تعالى: {وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ} ، قال ابن كثير: أي: وابذلوا مما رزقكم الله على الأقارب والفقراء والمساكين وذوي الحاجات وأحسنوا إلى خلق