«من اغتسل يوم الجمعة، ومسّ من طيب أهله إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له، ولم يؤذِ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلّي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى» . رواه أحمد.
قال ابن كثير: اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني، وقال: فأما النداء الأول الذي زاد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فإنما كان هذا لكثرة الناس، كما رواه البخاريّ عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوّله إذا جلس الإِمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي وبكر، وعمر، فلما كان عثمان
بعد زمن وكثر الناس، زاد النداء الثاني على الزوراء، يعني: يؤذّن على الدار التي تسمى الزوراء، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد.
وعن الضحاك في قوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} ، قال: هذا إذن من الله، فمن شاء خرج ومن شاء جلس. وقال ابن زيد: أذن الله لهم إذا فرغوا من الصلاة فقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} . وكان عراك بن مالك إذا صلّى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: (اللهمّ إني أجبت دعوتك، وصلّيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين) . وعن أبي مالك قال: (قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع، خشوا أن يُسْبَقُوا إليه، قال: فنزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا