قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره الله: {الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ} محمدًا {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} يعني: ببيان الحقّ {وَدِينِ الْحَقِّ} ، يعني: وبدين الله، وهو الإسلام. وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} يقول: ليظهر دينه الحقّ الذي أرسل به رسوله على كلّ دين سواه، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وحين تصير الملّة واحدة، فلا يكون دين غير الإسلام. كما حدثنا ابن حميد قال: حدّثنا مهران عن سفيان عن أبي المقدام ثابت بن هرمز عن أبي هريرة: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} قال: خروج عيسى ابن مريم.

قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ

قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) } .

عن قتادة: قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ، فلولا أن الله بينّها ودلّ عليها المؤمنين لتلهّف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها، وقد دلّكم الله عليها وأعلمكم إياها فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، قال ابن كثير: أي: من تجارة الدنيا والكدّ لها والتصدّي لها وحدها. ثم قال تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} ، أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه غفرت لكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015