قال ابن كثير: وقوله تعالى ومن يتولّ، أي: عما أمره الله به {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} كقوله تعالى: {إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} . وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: (الغنيّ الذي قد كمل في غناه وهو الله، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفؤ وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار.
والحميد: المستحمد إلى خلقه، أي: هو المحمود في جميع أقواله وأفعاله لا إله غيره ولا ربّ سواه) .
قوله عز وجل: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) } .
قال ابن زيد في قوله: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً} ، قال: هؤلاء المشركون وقد فعل، قد أدخلهم الله في السلم وجعل بينهم مودّة حين كان الإِسلام حين الفتح. وقال البغوي: قال مقاتل: فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنين أقرباؤهم المشركين وأظهروا لهم العدواة والبراءة، فعلم الله شدّة وجد المؤمنين بذلك، فأنزل الله عز وجل: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم} أي: من كفار مكة مودّة، ففعل الله ذلك بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وإخوانًا وخالطوهم وناكحوهم ... {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .