عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) } .
قال ابن كثير: أمر تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدوام والثبات على ذلك والاستمرار، وحثّ على الإنفاق، {مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} أي: مما هو معكم على سبيل العارية، فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم، وقال: فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفًا عنك؛ وساق حديث عبد الله بن الشّخّير قال: انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: « {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ، يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس» . رواه مسلم. وعن مجاهد قوله: {مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} ، قال: من الضلالة إلى الهدى.
وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال البغوي: أي: شيء لكم في ترك الإِنفاق في
سبيل الله وبالجهاد فقال: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ} ، يعني: فتح مكة في قول أكثر المفسّرين. وقال الشعبي: هو صلح الحديبية. قال ابن كثير: وقد يستدلّ لهذا القول بما روى الإمام أحمد عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام