عباس نِعْمَ ما وَطَّأْتُ لعبادي. وقال مجاهد في قوله: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، قال: الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلالة، والليل والنهار فوالسماء والأرض، والإنس والجنّ. وقال ابن زيد: ذكر وأنثى ذلك الزوجان. وقال البغوي: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، فتعلمون أن خالق الأزواج فرد {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} ، فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة، {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ولاتجعلوا مع الله إلهاً آخر {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ، {كَذَلِكَ} ، أي: كما كذبك قومك يا محمد وقالوا: ساحر أو مجنون، {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} ، قال البغوي: والألف فيه للتوبيخ. قال ابن كثير: أي: أوصى بعضهم بعضًا بهذه المقالة، {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} ، أي: لكن هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم، فقال متأخّرهم كما قال متقدّمهم. قال الله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ، يا محمد {فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ} ، يعني: فما نلومك على ذلك. {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
وعن عليّ بن أبي طالب في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، أي: إلا لآمرهم أن يعبدون وأدعوهم لعبادتي. قال السدي من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك. قال ابن كثير: ومعنى الآية: أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتمّ الجزاء، ومن عصاه عذّبه أشدّ العذاب؛ وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم. وعن أبي هريرة مرفوعًا: (قال الله