يعيبونكم ويقولون: قتلوا أهل ديتهم؛ والمعرة: المشقة، يقول: لولا أن تطئوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فليزمكم بها كفارة ويلحقكم سبة، وجواب (لولا) محذوف تقديره: لأذن لكم في دخولها، ولكنه حال بينكم وبين ذلك، {لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} يعني: حال بينكم وبين ذلك ليدخل {فِي رَحْمَتِهِ} في دين الإسلام {مَن يَشَاءُ} من أهل مكة بعد الصلح قبل أن تدخلوا {لَوْ تَزَيَّلُوا} لو تميزوا، يعني: المؤمنين من الكفار {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} ، وقال قتادة: إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة. وعن
الزهري قال: كانت حميتهم التي ذكر الله {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} أنهم لم يقروا أنه: بسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} ، قال: بسم الله الرحمن الرحيم. وعن علي في قوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قال: لا إله إلا الله. وعن عطاء الخرساني: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وعن علي الأزدي قال: كنت مع ابن عمر بين مكة ومنى، فسمع الناس يقولون: لا إله إلا الله، والله أكبر، فقال: هي هي، فقلت: ما هي؟ قال: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} الإخلاص {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} قال قتادة: وكان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها، أي: التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} .
قوله عز وجل: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (28)