جامع البيان: {فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} ، أي: كان الأولى بهم طاعة الله وقول معروف بالإجابة، أو معناه: فالويل لهم من التولي، وأصله: أولاه الله ما يكرهه، واللام مزيدة، أي: هذا الويل لهم. ثم قال: {طَاعَةٌ} ، أي: آمرهم طاعة، أو طاعة خير لهم، {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} جد الأمر وفرض القتال، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ} في الإيمان والطاعة {لَكَانَ} الصدق ... {خَيْراً لَّهُمْ} .
وقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} ، قال بعض المفسرين: هل يتوقع منكم {إِن تَوَلَّيْتُمْ} وأعرضتم عن الدين، أو توليتم أمور الناس، {أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} بالمعاصي والافتراق بعد الاجتماع على الإسلام: {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ، بالقتل والعقوق. وعن قتادة: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ، يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطّعوا الأرحام، وعصوا الرحمن؟ {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} إذًا والله يجدون في القرآن زاجرًا عن معصية الله، لو تدبره القوم فعقلوه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك. وقال خالد بن معدان: ما من آدمي إلا وله أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه وما يصلحه من معيشته، وعينان في قلبه لدينه وما وعد الله من الغيب، فإذا أراد الله بعبده خيرًا أبصرت عيناه اللتان في قلبه، وإذا أراد الله بعبده غير ذلك
طمس عليهما، فذلك قوله: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ، وعن عروة بن الزبير قال: (تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ، فقال شاب من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتى يكون الله عز وجل يفتحها؛ فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى وُلِّيَ، فاستعان به) .