قوله عز وجل: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) } .
قال البغوي: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} نصب على الإغراء، أي: فاضربوا رقابهم، يعني: أعناقهم، {حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} بالغتم في القتل وقهرتموهم {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} يعني: في الأسر حتى لا يفلتوا منكم، والأسر يكون بعد المبالغة في القتل، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ، {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} يعني: بعد أن تأسروهم فإما أن تَمُنّوا عليهم منا بإطلاقهم من غير عوض، وإما أن تفادوهم فداء.
وقوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي: آلاتها وأثقالها. وقال الكلبي: حتى يسلموا ويسالموا. وعن مجاهد قوله: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} ، قال: حتى يخرج عيسى ابن مريم، فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب، ولا تقرض فأرة جرابًا، وتذهب العداوة من الأشياء كلها، ذلك ظهور الإسلام على الدين كله. وعن قتادة: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} ، قال: الحرب من كان يقاتلهم، سماهم حربًا. {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}