فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافوه في البطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، {وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} لا يعجز الله فيفوته، {وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء} أنصار يمنعونه من الله، {أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} . انتهى ملخصًا. وقال ابن كثير: فدعوا قومهم بالترغيب والترهيب، ولهذا نجح في كثير منهم، وجاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفودًا وفودًا. والله أعلم.
قوله عز وجل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35) } .
قال البغوي: {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} لم يعجز عن إبداعهن. وقال ابن كثير: يقول تعالى: أولم يروا هؤلاء المنكرون للبعث يوم القيامة، المستبعدون لقيام الأجساد يوم المعاد: {أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} ، أي: ولم يلوّثه خلقهن، بل قال لها: كوني فكانت، بلا ممانعة ولا مخالفة بل طائعة مجيبة خائفة وجلة، أفليس ذلك {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وقوله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، قال عطاء
الخراساني: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن زيد في قوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، قال: كل الرسل كانوا أولي عزم، لم يتخذ الله رسولاً إلا كان ذا عزم، فاصبر كما صبروا. وقال بعضهم: الأنبياء كلهم أولوا عزم إلا يونس بن متى، لعجلة كانت منه ألا ترى أنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} . وقال البغوي: قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} ،