رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14) } .
قال البغوي: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} يسمون القرآن سحرًا {أَمْ يَقُولُونَ ... افْتَرَاهُ} محمد من قبل نفسه؟ فقال الله عز وجل: {قُلْ} يا محمد: {إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} لا تقدرون أن تردوا عني عذابه إن عذبني على افترائي، فكيف أفتري على الله من أجلكم؟ {هُوَ أَعْلَمُ} أي: الله أعلم {بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} تخوضون فيه من التكذيب بالقرآن والقول فيه: إنه سحر، {كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أن القرآن جاء من عنده {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} في تأخير العذاب عنكم. قال الزجاج: هذا دعاء لهم إلى التوبة، معناه: إن الله عز وجل غفور لمن تاب منكم رحيم به، {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ} أي: لست بأول مرسل، قبلي كثير من الأنبياء فكيف تنكرون نبوتي؟ {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} قال ابن عباس: فأنزل الله بعد هذا: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} .
قال ابن كثير: وقوله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} ، أي: ما أتبع إلا ما ينزله الله علي من الوحي {وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أي: بين النذارة، أمري ظاهر لكل ذي لب وعقل {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} قال البغوي:
معناه: أخبروني ماذا تقولون {إِن كَانَ} ، يعني: القرآن، {مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ} أيها المشركون، {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} عن مسروق: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} يخاصم به الذين كفروا من أهل مكة، التوراة مثل القرآن وموسى مثل محمد - صلى الله عليه وسلم - {فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} قال: آمن هذا الذي من بني إسرائيل بنبيه وكتابه {وَاسْتَكْبَرْتُمْ} أنتم فكذبتم نبيكم وكتابكم. وقال