الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من المحراب، فأرسل إليها فجاءته، فسألها عن زوجها وعن شأنها، فأخبرته: أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السَّرية أن يُؤَمِّره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل، فكان يُصاب أصحابه وينجو، وربما نُصروا، وإن الله عزّ وجلّ لما رأى الذي وقع فيه داود، أراد أن يستنقذه ; فبينما داود ذات يوم في محرابه، إذ تسوّر عليه الخصمان من قبل وجهه، فلما رآهما وهو يقرأ فزع وسكت. وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى إن الناس يتسوّرون عليّ محرابي، قالا له: {لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} ، ولم يكن لنا بد من أن نأتيك، فاسمع منا. قال أحدهما: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} أنثى، {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} ، يريد أن يتمم بها مائة، ويتركني ليس لي شيء. {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} ، قال: إن دعوت ودعا كان أكثر، وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} ، قال له داود: أنت كنت أحوج إلى

نعجتك منه {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} إلى قوله: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ونسي نفسه - صلى الله عليه وسلم -. فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر، فرآه داود وظن أنما فتن، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} . وعن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في السجدة في ص: (ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها) . رواه البخاري وغيره.

وعن قتادة: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} الذنب، {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} أي: حسن مصير. قال ابن كثير: أي: وإن له يوم القيامة لقربة يقربه الله عز وجل بها وحسن مرجع. وهو الدرجات العالية في الجنة لنوبته وعدله التام في ملكه، كما جاء في الصحيح: «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015