تُرَاباً} ؟ فلما أن صاروا إلى الآخرة وأدخل المؤمن الجنة، وأدخل المشرك النار.
{فَاطَّلَعَ} المؤمن فرأى صاحبه {فِي سَوَاء الْجَحِيمِ} وسطها {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} . قال قتادة: أي: في عذاب الله، {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} . قال ابن كثير: هذا من كلام المؤمن، مغتبطًا بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة، والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب. ولهذا قال عز وجل: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، وعن قتادة: قوله: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ} إلى قوله: {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، قال: هذا قول أهل الجنة.
قوله عز وجل: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61) أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ (67)
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) } .
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: {لِمِثْلِ هَذَا} الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة، {فَلْيَعْمَلْ} في الدنيا لأنفسهم ... {الْعَامِلُونَ} ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم.
وعن قتادة: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} ؟ حتى بلغ: {فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} ، قال: لما ذكر شجرة الزقوم افتتن الظلمة فقالوا: ينبّئكم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجرة، فأنزل الله ما تسمعون: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي