على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله عز وجل، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فوالله إن بالحجر لندبًا من أثر ضربه ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا، - قال -: ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} » .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} قال: صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون عليه السلام، فقال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: أنت قتلته. كان ألين لنا منك، وأشدّ حياء،
فآذوه من ذلك، فأمر الله الملائكة فحملته فمرّوا به على مجالس بني إسرائيل فتكلّمت بموته.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم قسمًا فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أُرِيدَ بها وجهُ الله فقلت: يا عدوّ الله أما لأخبرنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قلت، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فاحمّر وجهه ثم قال: «رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» .
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} ، أي: عدلاً. قال قتادة: يعني به في منطقه وعمله كله. والسديد: الصدق. قال ابن عباس: مَنْ سَرّه أن يكون أكرم الناس فليتّق الله.
قوله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (73) } .