وأسقامها وبلاؤها مما يبتلي الله به العباد حتى يتوبوا. وعن مجاهد:
{دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} يوم القيامة، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، قال أبو العالية: يتوبون.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} ، أي: لا أظلم ممن ذَكَّرَه الله بآياته وبيّنها له، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها كأنه لا يعرفها. قال قتادة: إياكم والإعراض عن ذكر الله، قال: من أعرض عن ذكره فقد اغترّ أكبر الغرة وأعوز أشد العَوَز، وعظم من أعظم الذنوب، ولهذا قال تعالى متهدّدًا لمن فعل ذلك: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} ، أي: سأنتقم ممن فعل ذلك أشدّ الانتقام.
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) } .
عن ابن عباس قال: قال نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُرِيتُ ليلة أُسْرِيَ بي موسى بن عمران رَجُلاً آدم طوالاً أجعد كأنهُ من رجالِ شَنُوءَةَ، ورأيْتُ عيسى مَربُوعَ الخَلْق إلى الحُمرة والبياضِ سَبْطَ الرأسِ، ورأيْتُ مالِكًا خازن النَّارِ، والدَّجَّالَ فِي آياتٍ» أرَاهنَّ اللهُ إيَّاهُ. {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ} ، أنه قد رأى موسى، ولقي موسى ليلة أُسري به. رواه ابن جرير وغيره. وعن قتادة:
{وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً يَهدُونَ بأمْرِنا} ، قال: رؤساء في الخير. {لَمَّا صَبروا وكانُوا بآياتِنا يُوقِنُونَ} ، قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.