ويفوّض أمره إلى الله، {وَهُوَ مُحْسِنٌ} في عمله، {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ، أي: اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ * وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} . {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً} ، أي: نمهلهم ليتمتّعوا بنعيم الدنيا قليلاً إلى انقضاء آجالهم {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ} ثم نلجئهم ونردّهم في الآخرة، {إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} وهو: عذاب النار.
قوله عز وجل: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) } .
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء المشركين: أنهم يعرفون أن الله خالقُ السماوات والأرض وحدَه لا شريك له، ومع هذا يعبدون معه شركاء يعترفون أنها خَلْقٌ له وملك له، ولهذا قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ
خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، أي: إذ قامت عليكم الحجة باعترافكم، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .
ثم قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، أي: هو خلقه وملكه، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ، أي: {الْغَنِيُّ} عما سواه وكل شيء فقير إليه، {الْحَمِيدُ} في جميع ما خلق، له الحمد في السماوات والأرض على ما خلق وشرع، وهو المحمود في الأمور كلها. وعن أبي رجاء قال: سألت الحسن عن هذه الآية: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} ، قال: لو جعل شجر الأرض أقلامًا، وجعل