{ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ، يعني: الكفار يعرفون عمران الدنيا، وهم في أمر الدين جهّال.
قوله عز وجل: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون (10) } .
قال ابن كثير: يقول تعالى منبّهًا على التفكّر في مخلوقاته الدالّة على وجوده وانفراده بخلقها، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، فقال: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ} ، يعني به: النظر، والتدبّر، والتأمّل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي، والسفلي، وما بينهما من المخلوقات المتنوّعة، والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خُلقت سدى، ولا باطلاً، بل بالحق. وأنها مؤجّلة إلى أجل مسمّى. وهو: يوم القيامة، ولهذا قال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} .
ثم نبّههم على صدق رسله فيما جاءوا عنه، بما أيّدهم به من المعجزات والدلائل الواضحات، من إهلاك من كفر بهم، ونجاة من صدّقهم، فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} ، أي: بأفهامهم وعقولهم ونظرهم وسماع أخبار الماضيين؟ ولهذا قال: {فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} ، أي: كانت الأمم الماضية، والقرون السالفة أشدّ منكم قوّة، أيها المبعوث