قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في تعنّتهم وطلبهم {آيَاتٌ} يعنون: ترشدهم إلى أن محمدًا رسول الله كما أتى صالح بناقته، قال الله تعالى: {قُلْ} يا محمد: {إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ} أي: إنما أمر ذلك إلى الله.

وقوله: {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أي: إنما بعثت نذيرًا لكم، بيّن النذارة فعليّ أن أبلغكم رسالة الله تعالى، و {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً} .

ثم قال تعالى مبيّنًا كثرة جهلهم وسخافة عقلهم حيث طلبوا آيات تدلّهم على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءهم، وقد جاءهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، الذي هو أعظم من كل معجزة، إذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته، بل عن معارضة عشر سور من مثله، بل عن معارضة سورة منه، فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} أي: أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم

، الذي فيه خبر ما قبلهم، ونبأ ما بعدهم، وحكم ما بينهم، وأنت رجل أمّيّ لا تقرأ ولا تكتب، ولم تخالط أحدًا من أهل الكتاب، فجئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى ببيان الصواب مما اختلفوا فيه وبالحق الواضح؟ انتهى ملخصًا. وذكر الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «ما من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة» .

وقال البغوي: {إِنَّ فِي ذَلِكَ} في إنزال القرآن: {لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ، أي: تذكيرًا وعظة لمن آمن وعمل بها، {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015