وعن ابن عباس: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} ، يقول: لرادّك إلى الجنة، ثم سائلك عن القرآن؛ وعنه {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قال: إلى مكة.

قال ابن كثير: ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسرّ ذلك تارة برجوعه إلى مكة، وهو الفتح الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجل النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلى أن قال: ولهذا فسّر ابن عباس تارة أخرى قوله:

{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} بالموت، وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه ومصيره على أداء رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين الإنس والجن.

وقال البغوي: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى} ، أي: يعلم من جاء بالهدى، وهذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك لفي ضلال مبين، فقال الله عز وجل: {قُل} لهم: {رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى} يعني: نفسه، {وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ، يعني: المشركين. والله أعلم بالفريقين.

قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} ، أي: يوحى إليك القرآن، {إِلا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} ، قال الفراء: هذا من الاستثناء المنقطع معناه: لكن ربك رحمك فأعطاك القرآن، {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ} ، أي: معيناً لهم على دينهم. وقال مقاتل: وذلك حين دُعي إلى دين آبائه، فذكّره الله نعمه ونهاه عن مظاهرهم على ما هم عليه، {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ} ، يعني: القرآن، {بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} إلى معرفته وتوحيده {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الخطاب في الظاهر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به أهل دينه، أي: لا تظاهروا الكافرين ولا توافقوهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015